توفي مساء الأمس في مدينة صنعاء أديب اليمن وشاعرها الكبير عبدالعزيز صالح المقالح عن عمر ناهز خمسة وثمانين عاما. وبرحيله خسرت اليمن والأمتين العربية والإسلامية واحدا من فرسان الكلمة وسدنتها الكبار الذين خدموا لغة الضاد عبر عقود متواصلة بحثا وإبداعا، وأثثوا مكتبتها بزخم وافر من المؤلفات الفكرية والتاريخية والأدبية.
لقد عاش المقالح راهبا متبتلا في محراب الكلمة، ومناضلا وطنيا جسورا ورمزا علميا مشرقا، عرفته ميادين العطاء منهلا دافقا، آثر البقاء في مدينة صنعاء التي أحبها وأحبته، رغم عشرات العروض التي انهالت عليه من جامعات عربية وأجنبية.
وفي صنعاء كان أبا لكل من يمت للكلمة الجميلة بصلة، يستقبل تلاميذه بشكل يومي سواء في جامعة صنعاء، أو في مركز الدراسات، أو في منزله عبر مجلسه الأدبي المتميز الذي ظل يعقده مساء كل إثنين، وظل على مدار عقود متتابعة مقصدا للأدباء والشعراء بمختلف مشاربهم واتجاههم.
ولد الراحل عام 1937 في قرية المقالح في مديرية بعدان محافظة إب، ثم انتقل إلى مدينة صنعاء حيث درس فيها على عدد من العلماء في المدارس والمساجد، وحصل على الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة عين شمس في القاهرة، ثم تقلد عددا من الوظائف أهمها رئاسة جامعة صنعاء، فرئاسة مركز الدراسات والبحوث التابع لها.
أصدر خلال مسيرته الإبداعية أكثر من خمسين مؤلفا في التاريخ والفكر والشعر والنقد، منها: لابد من صنعاء، رسالة إلى سيف بن ذي يزن، أبجدية الروح، كتاب صنعاء، كتاب القرية، كتاب الأصدقاء، أصوات من الزمن الجديد، ثرثرات في شتاء الأدب العربي، علي باكثير رائد التحديث، أزمة القصيدة العربية، الزبيري ضمير اليمن الثائر، الشعر بين الرؤية والتشكيل، عمالقة عند مطلع القرن.
حصل على عدد من الأوسمة والجوائز ، منها وسام الأدب والفنون، وجائزة اللوتس، وجائزة الفارس من فرنسا والميدالية الذهبية من الألكسو.
إلهي
أنا شاعر يتحسّسُ بالروح عالمه
يكره اللمسَ
عيناه مقفلتان
وأوجاعه لا حدود لأبعادها
وتضاريسها
كرهتني الحروب
لأنيَ بالحسرات وبالخوف أثقلت كاهلها
ونجحت بتحريض كل الزهور
وكل العصافير
أن تكره الحرب
أن نرفض الموت يأتي به موسمُ للحصاد الرهيب
ولكنها الحرب ياسيدي أطفأتني
وأطفأت اللوحات الملاة في الأفق
أقصت عن الأرض نور السماوات
واحتكرت ملكوت الجحيم
عبدالعزيز المقالح