"لا تمر أسابيع متتالية دون فعالية للحوثيين أو مشروع جباية على المواطنين، فهنا في صنعاء، لم نعد نستطيع إحصاء المناسبات التي يقيمها الحوثيين بتلك الدعاية الإعلامية الكبيرة": هكذا يلخص "عبد الجبار" الوضع في صنعاء وعملية العبث بأموال اليمنيين المنهوبة من قبل ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران.
مع اشتداد الأزمة الاقتصادية ومشاكل البطالة وسوء التغذية الذي يفتك بالأطفال والنساء والرجال على حد سواء، تختلق ميليشيات الحوثي لنفسها فعاليات ومناسبات طوال العام لحشد أنصارها وتبديد الأموال الطائلة.
وقال عبد الجبار في حديث لـ"الصحوة نت"، "ننام ونصحو كل يوم على لوحة جديدة وشعارات ضخمة تغطي الشوارع الرئيسية إما لقتلى السلالة أو فعالية جديدة للميلشيات وشعارات وعبارات لزعمائهم".
وتساءل مستنكراً "كم يدفعون من خزينة الشعب لكل هذه الفعاليات"، وقال: "نحن نموت من الجوع ويقولون لنا لا يوجد مرتبات"، وهذه الأموال من أين جاءت؟ لماذا لا يوزعوها على الشعب؟".
ويسخر اليمنيون من استعراض الحوثيين بتلك الفعاليات السياسية، والتي يعتبرونها مسرحيات هزلية، تسعى من خلالها الميلشيات لحجب الانظار عن المأساة التي صنعتها خلال الحرب، حيث تسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا لتقارير أممية.
أعراس جماعية
مؤخرا نظمت ميلشيات الحوثي في صنعاء عرساً جماعياً ضمّ أكثر من 10044 عريسا وعروسا، وفق ما أعلنت الجماعة الذي قالت بأن العرس أقامته هيئة الزكاة، وهي مؤسسة حوثية أسسها الحوثيين ضمن عملياتهم المستمرة في تجريف مؤسسات الدولة واستحداث بدائل عنها.
ووفقا لوسائل إعلام الحوثيين "فقد بلغت تكلفة العرس الجماعي نحو 5 مليارات ريال يمني، (سعر الدولار 560 بمناطق الحوثي).
منذ انقلاب جماعة الحوثي على السلطة وانقطاع الرواتب في ٢٠١٤، أقامت الميليشيا لأنصارها ١٢ عرسا جماعيا ضمت ما يقارب ٨٤ ألف عريسا وعروسا غالبيتهم من أنصارها بتكلفة تقدر بأكثر من ٧٢ مليار ريال في الوقت الذي يعيش فيه ٧٠ في المئة من اليمنيين تحت خط الفقر وانقطاع شبه تام لرواتب الموظفين، وهو مبلغ قادر على سداد الرواتب شهريا وإقامة مشاريع حيوية يستفيد منها المواطن بشكل مباشر.
وتعليقاً على هذه التكلفة المالية الكبيرة، قال الباحث والمحلل أمجد البعداني "هذه المبالغ تكفي لتخفيف وطأة الفقر والجوع على ملايين اليمنيين وحماية آلاف الأطفال من الموت وتحسين الوضع الاقتصادي".
وأضاف لـ"الصحوة نت"، "لكن جماعة الحوثي ترى أن إنفاق هذه الأموال على مهرجانات التحشيد وأخذ اللقطة أهم بكثير من حياة الشعب اليمني، وتخفيف معاناته التي كانت هي المتسبب الرئيس فيها".
المولد النبوي
وتعد احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي هي الأكبر سنوياً وتكلف مبالغ مالية كبير، حيث تبدأ الاحتفالات قبل أسبوعين من موعد الحفل الكبير الذي يكون في ميدان السبعين ومراكز المحافظات التي يسيطرون عليها، وتبدأ بحملة جبايات متفاوتة على الجميع في مناطق سيطرتهم.
فيعمل الحوثيون قبل الاحتفالات على فرض مبالغ مالية على الجميع بدء من التجار الكبار، وصولاً الى المواطنين في الاحياء، حيث يعمدون على ارسال رسائل الى المنازل بالتزامن مع موعد تسليم حصة الغاز من قبل عُقال الحارات، في رسالة تهديد غير مباشرة بالعقاب اذا لم يدفع لهم، او التصنيف على الأقل ضمن خصومهم.
وسنويا ينفق الحوثيون ما يقارب عشرين مليار ريال على ما يسمى "المولد النبوي" من المال العام غير ما ينهبه من التجار والموظفين وأصحاب المحلات، ما يعني أكثر من ١٨٠ مليار ريال ذهبت منذ الانقلاب للموالد النبوية، في دولة مصنفة من قبل الأمم المتحدة غير صالحة للعيش". حيث يموت سنويا ١٨٠٠ طفل بسبب سوء التغذية، في ظل تزايد حالات الانتحار نتيجة اليأس والفقر والبطالة.
ومن مظاهر إهدار المال العام قيام الحوثيين بإنفاق المليارات على طبع ونشر صور قتلاها في الشوارع بالذات ان كانوا من فئة "الدرجة الأولى" حسب تصنيفهم، حيث يتم نشر صورهم على لوحات ضخمة في عدة اماكن رئيسية بصورة مستمرة بخلاف الصور الاقل حجما للقتلى من "الدرجة الثانية" والتي لا يكاد يخلو منها متر مربع واحد في كافة مناطق سيطرة الحوثيين.
ويقيم الحوثيون كل عام عشرات الاحتفالات والمهرجانات بغرض الحشد وهو ما يكلف أموال طائلة، ومن تلك الاحتفالات اقامة العروض العسكرية واستعراض القوات التي يتكون معظمها من طلبة المدارس والعمال والعسكريين السابقين، وتدفع ميلشيات الحوثي لكل شخص مشارك في العرض، بالإضافة إلى تكاليف أخرى.
استفزاز لليمنين الجوعي
يرى الاستاذ الدكتور علي ناصر الحكيمي استاذ الاقتصاد بجامعة تعز "أن إهدار الحوثيين للمال العام بهذه الصورة المستفزة يأتي في الوقت الذي يموت فيه الأطفال بسبب الأدوية المنتهية كما حدث لضحايا مجزرة مستشفى الكويت "أطفال اللوكيميا".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، و"بدل أن يلقي الحوثيون باللوم على شماعة التحالف كان بإمكانهم دعم المستشفيات والمراكز الصحية بجزء من هذه المبالغ الضخمة التي ينفقونها بطريقة عبثية".
وتابع "ممارسات الحوثي تعمل على تدمير الاقتصاد الوطني وبالتالي قتل المواطن بالموت البطيء، ولذلك يهدر اموال الشعب على انصاره ويصرفها على مسرحيات عبثية كالمولد النبوي والاعراس الجماعية وغيرها من الامور التي لا تفيد المواطن الجائع بشيء".
لا يزال الوضع الإنساني في اليمن ينذر بالخطر مع وصول انعدام الأمن الغذائي في أعلى نقطة منذ تصعيد الصراع، يقدر أن نحو 19 مليون شخص، أكثر من 60 في المائة من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الفترة بين يونيو وديسمبر 2022، وفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).