مع كل شتاء تتجدد معاناة ملايين النازحين اليمنيين، في ظل غياب شبه كامل للمنظمات الإغاثية، ونهب منظم من قبل المليشيات للفتات من المساعدات التي قد يحصل عليها النازحين الذين يسكنون في خيام بالية لا تقيهم البرد ولا المطر، ويفتقدون لأي مصدر للدفء.
ويقدر عدد النازحين في اليمن بحسب إحصاء صادر عن الوحدة التنفيذية لنازحي اليمن، بحدود 4 ملايين و100 ألف نازح، منهم مليونان و850 ألفا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ومليون و250 ألفا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الحياة في اليمن تزداد خطورة وصعوبة، وبناء على تقييم أجرته فإن 64% من العائلات النازحة ليس لها مصادر دخل، ويكسب آخرون أقل من 50 دولارا في الشهر لتغطية احتياجاتهم المعيشية، وإن عائلتين من كل 3 عائلات نازحة تلجأ لتقليل وجباتهم الغذائية أو إخراج أطفالهم من المدارس أو تجاهل العناية بالصحة، وينتهي الأمر بالبعض إلى الشحة او التسول أو بيع ما تبقى من مقتنيات المنزل.
أيام عصيبة
المواطنة علياء، نازحة في مخيم "العين"، القريب من مدينة صنعاء، تقول إنها وأطفالها الثلاثة لا يستطيعون النوم وإن أحد اطفالها مصابا بالتهاب الشعب الهوائية، وبقية الأطفال يعانون من الحمى والانفلونزا.
وأضافت لـ" الصحوة نت" "ليس لدينا ما يكفي من الحطب، ويجب ان تظل المدفأة تعمل طوال الليل كي يبقى الأطفال دافئين، ولا زلنا في بداية فصل الشتاء ولا ندري كيف سيكون الحال في الايام القادمة، وأرجو أن يمر هذا الشتاء على خير".
انعدم أبسط الخدمات
ويؤكد النازح عبد الرحمن، أن الوضع في المخيم “كارثي"، إذ "غالبية الخيام ممزقة، ولا توجد قنوات صرف للمياه، ولم يتم توزيع أي نوع من الوقود للتدفئة"، مؤكدا أن "الواقع المعيشي سيئ للغاية، ونحو 40 في المائة من النازحين يحصلون على سلة غذائية، وهي غير كافية، في حين أن البقية عاجزون عن الحصول على وجبة يومية".
وقال النازح يونس، لـ"الصحوة نت " إن "الكارثة بدأت تلوح في الافق مع بداية الشتاء في المخيم، وأن الأطفال وكبار السن في خطر حقيقي ولا أحد في المخيم يمكنه شراء الحطب للتدفئة".
ويضيف:" انقلاب الحوثي الذي اوصلنا الى هنا بعد ان كنا معززين مكرمين في قرانا وبيوتنا وفوق هذا يأكلون المساعدات التي تصل الينا من المنظمات ويوزعونها بين اتباعهم".
ويتابع يونس: "وضع سكان الخيام أسوء من وضع سكان الغرف الطينية، فهي لا ترد المطر، ولا تقي من البرد، ومؤخرا توقف إدخال المساعدات إلى المخيم الواقع تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، ونحن بحاجة لزيارة وفد طبي من المنظمات الى هذا المخيم الذي لا يضم أي طبيب".
بصوت يشبه النحيب تتحدث ام محمد " قائلة: "ليست لدينا أي مقومات للحياة، وخيامنا لم تعد تحمي أطفالنا من برد الشتاء، ولا من حر الصيف، ولا توجد مصادر للطاقة، والاغطية لا تسمن ولا تغني اطفالنا من البرد".
وأضافت: "نقف عاجزين أمام هجوم البرد، ومن المتوقع أن تكون هناك موجة صقيع، وهمنا ليس أن نجد ما نشعله لنشعر بالدفء، بل كيف يمكن أن نمنع أطفالنا من التجمد ".
العودة
بدوره، لفت أحد مسؤولي المخيم طلب عدم ذكر اسمه، إلى أنه "في هذا العام، أثرت العواصف والأمطار بشكل كبير على المخيمات، وادت الامطار الى تضرر اكثر من 2500 خيمة، مما أدى إلى فقدان أكثر من 2110 عائلة للمأوى، مع استمرار الوضع الكارثي في المخيمات العشوائية التي تفتقر لأي إمكانات، وكل ذلك يتزامن مع الواقع المادي المتردي، وعدم توفر فرص عمل، أو إيجاد مصدر دخل".
وأضاف أن "الاحتياجات ضخمة، وواقع المخيمات مأساوي، والحل الوحيد هو عودة النازحين إلى منازلهم وقراهم، وهذا لن يتحقق إلا بالتوصل إلى انهاء الانقلاب لكي يتمكن الجميع من العودة إلى ديارهم بشكل آمن، داعيا الجهات الدولية الفاعلة في الملف اليمني، وخصوصا الأمم المتحدة، الضغط على مليشيات الحوثي للجنوح للسلام ومحاسبة المجرمين المتسببين في معاناة هذه الشريحة من الشعب اليمني".