لم بجد الطفل محمد حلا للتخلص من آثار الحرب المدمرة التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية منذ العام 2014 ومقاومة الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها هذه الحرب، لم يجد أي خيار سوى أن يترك مقاعد الدراسة ويلتحق بسوق العمل لتأمين لقمة العيش لأسرته.
ففي كل دول العالم يكون المكان الطبيعي للأطفال هو المدرسة إلا في اليمن فقد وجد الأطفال أنفسهم خارج أسوارها بسبب النزاعات المستمرة منذ سنوات إضافة إلى الفقر الذي أجبرهم على الالتحاق بالأعمال الشاقة للمساعدة في إعالة أسرهم.

شكل الحرب والفقر ثنائيا مخيفا دفع بملايين الأطفال اليمنيين إلى العمل الشاق لمساعدة أسرهم في هذا البلد الذي تتهدده المجاعة بدلا من الانضمام إلى أقرانهم على مقاعد الدراسة مع بدء العام الدراسي الجديد.
ومع بداء العام الدراسي الجديد وعودة مئات الآلاف الطلاب والطالبات إلى مقاعدهم الدراسية إلا أن الظروف الاقتصادية وآثار الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية منعت الملاين منهم من الالتحاق بمدارسهم وأجبرتهم على الالتحاق بسوق العمل.

أوضاع صعبة
يقول الطفل محمد صالح وهو أحد أبناء محافظة الحديدة الذي نزح مع أسرته إلى العاصمة المؤقتة عدن فرارا من بطش مليشيا الحوثي "إنه لم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة بسبب أوضاعهم المعيشية الصعبة".
ويضيف الطفل محمد والبالغ من العمر 12 عاماً في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " انه يريد الذهاب إلى مقعده الدراسي لكنه مجبر على العمل من أجل إعالة أسرته وأنه حزين لأنه لا يدرس مثل رفاقه الذين وصلوا للصفوف الإعدادية وهو لا يدرس مثلهم لأنه يخرج للشارع للعمل ومساعدة والده للصرف على بيتهم.
ويؤكد أنه لم يتمكن من الدراسة بسبب الحرب وتردي أوضاع أسرته المعيشية وانقطاع المرتبات عقب نزوحه مع أسرته إلى مدينة عدن جنوبي البلاد.
ويشير إلى أنه وجد نفسه مجبراً على الالتحاق بسوق العمل من أجل مساعده والده في تأمين لقمه العيش لأسرته بعد انقطاع مرتب والده وقلت فرص العمل وارتفعت أسعار السلع الغذائية.
ويوضح أنه يحلم فقط بأن تتوقف الحرب وتبنى المدارس وتستقر أوضاع أسرته حتى يتمكن من العودة إلى منزله ومدينته والعودة للدراسة التي حرم منها في طفولته حتى يتمكن من التعلم والحصول على عمل يناسب مؤهله العلمي ويمكنه من بناء مستقبله .

آثار الحرب
وفي السياق أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أكثر من مليوني طفل في اليمن تسربوا من التعليم مشيرة إلى أن وواحدة من كل (4) منشآت تعليمية دُمّرت أو طالها ضرر أو استُخدمت لأغراض غير تعليمية.
وقالت اللجنة في بيان لها رصدته الـ " الصحوة نت " إن أكثر من مليوني طفل تسربوا من التعليم وآخرين لا تُحصى أعدادهم تمرّ أعمارهم في ظل مستقبل يكتنف فرص حصولهم على التعليم فيه كثير من الغموض".
وأضافت اللجنة أنّ منشأة تعليمية واحدة على الأقل من بين كل (4) منشآت تعليمية دُمّرت أو طالها ضرر أو استُخدمت لأغراض غير تعليمية على مدى الثمانية الأعوام الماضية.
وأكدت المنظمة أنّ الأعوام الضائعة من دون تعليم سيكون لها تبعات بعيدة المدى إذ إنّ للتعليم دوراً بالغ الأهمية في دعم تعافي اليمن بعد انقضاء النزاع المسلح، مشيرة إلى أنّ مدرسين وطلاباً لقوا حتفهم أو أُصيبوا في مدارسهم أو في طريقهم إليها.
وأشارت الى ان آلاف المدرسين والمدرسات اضطروا إلى البحث عن عمل آخر بسبب عدم تلقيهم المرتبات في حين أجبرت الأخطار والآثار الاقتصادية التي يخلفها النزاع آلاف الأسر على التوقف عن إرسال أبنائها إلى المدارس لا سيّما الفتيات.
وأوضحت إنّ هذا المشهد المؤسف في اليمن يلخص الواقع القاسي الذي يعيشه جيل كامل من أطفال البلاد الذين يكافحون من أجل الحصول على التعليم وان عدد الأطفال الذين يعانون من انقطاع التعليم ما يزال في ازدياد مستمر .
منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" هي الأخرى أكدت أن اليمن يواجه مع بداية العام الدراسي الجديد أزمة تعليمية حادة.
وأشارت المنظمة في بيان لها رصدته " الصحوة نت " إلى أن النزاع الدائر والانقطاع المتكرر في العملية التعليمية بجميع أنحاء البلاد وتفتت نظام التعليم أضر بشكل عميق على القطاع التعليمي في البلاد.
وأوضحت ان النزاع وتفتت التعليم أضر بشكل عام التطور المعرفي والصحة النفسية لنحو عشرة ملايين طفل يمني في سن الدراسة.
ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية أواخر العام 2014 استهدفت بشكل مباشر العملية التعليمية وحولت مئات المدارس إلى ثكنات عسكرية وأجبرت الطلاب على التجنيد وحرمت المعلمين من الرواتب، في سياسة ممنهجة لتدمير العملية التعلمية.
