14 أكتوبر.. مشاهد ثورية جسدت الوحدة الوطنية والمصير المشترك بين الشمال والجنوب

14 أكتوبر.. مشاهد ثورية جسدت الوحدة الوطنية والمصير المشترك بين الشمال والجنوب

لم تكن الوحدة اليمنية بين أبناء شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه وليدة عام 90 فقد جسدت قبل اندلاع ثورتي سبتمبر وأكتوبر بعدة سنوات من خلال الأدوار الي لعبتها المحافظات الشمالية في مساندة الثوار الجنوبيين إضافة الى أدوار المحافظات الجنوبية في مساندة الثوار الشماليين .

حيث كانت مدينة عدن حاضنة للأحرار من أبناء الشمال الذين كانوا قد بدأوا بتعريف الشعب بخطر الإمامة ثم فروا من بطش النظام الامامي ليواصلوا مسيرة النضال بمختلف السبل حتى تتهيأ اللحظة المناسبة لإشعال الثورة .

وكانت مدينة تعز القلب النابض لثورة 14 أكتوبر بعد اندلاعها، واختلطت دماء أبناء شمال اليمن وجنوبه في ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر على حد سواء، في مشهد رسم لوحة وطنية تجسدت فيها الوحدة الوطنية والمصير المشترك.

ومن قلب مدينة تعز دوى البيان الأول بإعلان الرئيس قحطان محمد الشعبي بيان الثورة وإعلان بداية الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وبدء النضال بكل أشكاله من أجل تحرير جنوب اليمن المحتل .

اما قرى وسهول مدينة تعز فقد كان لها دورها بعد ان تدفقت الإمدادات بالزاد والعتاد للمناضلين في مختلف جبهات الكفاح المسلح في مناطق الجنوب وتحولت تعز وقعطبة والصبيحة إلى ممرات عبور لكل ما يحتاجه الثوار .

وفي لحظة تاريخية ومفصلية وقف المناضل الجنوبي في ثورة الـ14 من أكتوبر عوض الحامد ماسكاً بالميكروفون في شارع 26 سبتمبر وسط مدينة تعز مبشراً الجماهير باندلاع ثورة الجنوب وبدء الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه.

البداية الأولى لثورة 14 أكتوبر

انطلقت ثورة الـ14 من أكتوبر في جنوب اليمن عقب عودة المناضل راجح لبوزة ومجاميعه بأسلحتهم وبعدد من القنابل والألغام والذخائر وغيرها من الأسلحة من الشمال بعد أن ساهموا مساهمة فعالة في الدفاع عن ثورة 26 من سبتمبر وخاضوا المعارك الشرسة ضد الملكيين في مختلف المناطق وقدموا هناك عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

وفور وصولهم إلى ردفان وجه إليهم الضابط السياسي البريطاني في الحبيلين (ميلن) رسالة مستعجلة يدعوهم فيها إلى سرعة تسليم أنفسهم واسلحتهم إلى السلطات البريطانية في الحبيلين .

وكان اول عمل للمناضل لبوزة عقب تلقيه الرسالة هو ان اجتمع بكل المناضلين من حوله وأبلغهم بطلب (ميلن) وطلب منهم إبداء الرأي ليجمع رأي الثوار حينها على عدم تلبية هذا الطلب وتعاهدوا على مقاتلة المستعمر البريطاني .

بادر حينها المناضل لبوزة عقب اجتماع رأي الثوار بإرسال رسالة الرفض ووضع بجانب الرسالة طلقة رصاص تعبيراً عن مقاتلة القوات البريطانية ثم انتقل الى وضع خطته العسكرية واستعداده مع الثوار والذين توزعوا إلى مجاميع صغيرة يراقبون تحركات العدو بكل جدية وأياديهم على الزناد وهم تواقون للقاء العدو ولخوض معركة العزة والكرامة والفداء.

وفي صباح اليوم التالي 14 أكتوبر 1963، نزل "لبوزة" ورفاقه لصد القوات البريطانية، فاندلعت معركة ضارية استمرت أربع ساعات، تراجعت على إثرها القوات البريطانية، وأصيب "لبوزة" بشظايا .

وظلت دماء المناضل " لبوزة " تنزف متأثرا بجراحه حتى فارق الحياة فكانت هذه المعركة أول شرارة في ثورة 14 أكتوبر والشهيد "لبوزة" أول شهداء الثورة ضد الاحتلال البريطاني لجنوب البلاد.

دور عدن في الثورتين

وبشأن دور عدن قال المناضل حسين عبد عبدالله الحداد ان الاعداد لثورة سبتمبر واكتوبر بدأ من مدينة عدن التي كانت حاضنة للثورة اليمنية ككل وكانت الشخصيات المشاركة في تأسيس هذا العمل هم نفس الشخصيات الوطنية المعهودة .

وأضاف الحداد في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " ان من ضمن تلك القيادات والشخصيات المشاركة هم من قادة المؤتمر العمالي في عدن ومن الشخصيات الجنوبية المعروفة ومن الاخوة الاحرار من شمال الوطن في عدن مشيرا الى ان  الجميع شارك في الاعداد وبذل النفس والنفيس من اجل تشكيل التنظيمين .

وأكد ان دور عدن لم يكن دور بسيط وأن المدينة كانت تقوم ايضا ببعض الندوات وبعض المحاضرات وبعض الجلسات التي يشارك فيها الكثير من المثقفين من ابناء عدن نفسها ومن الاخوة الشماليين الاحرار الذين كانوا ينزحون من مناطق الشمال.

وأشار الى ان مدينة عدن كانت هي الحاضنة للكثير من الدعاة والمفكرين والمصلحين لشمال الوطن والشخصيات التي كانت بمثابة القوة الوطنية الجديدة التي بدأت تبرز وتعارض النظام الامامي في شمال الوطن وانتقلت الى عدن فرارا من بطش الإمامة .

وتطرق الحداد الى مكون جديد تم انشاء حينها تحت اسم الاتحاد اليمني وكانت له إدارة من القاطنين في من بعض التجار الموجودين في عدن ومن الاحرار الذين كانوا يتوافدون من شمال الوطن الى عدن وكان هذا الاتحاد منطلق لعمل جديد منظم ضد الامامة.

وأوضح ان مدينة عدن كانت ايضا هي السباقة في كل مكان يحصل على مستوى الوطن العربي ومساندتها رغم الظروف ورغم المعاناة التي كان يعيشها أبناء عدن الا انه كان هناك ثبات ومساندة في احتضانها لكل الأنشطة والحركات الوطنية على مستوى الوطن العربي كلها.

دور تعز في الثورتين

وعن دور محافظة تعز يقول المناضل في ثورة الـ14 من أكتوبر حسين عبد عبدالله الحداد انه من اول يوم لانطلاق الثورات كان هناك تواصل وتكامل ما بين رجال الثورة في الجنوب ورجال الثورة في الشمال في كل شيء شمل تقديم معلومات وارسال مجندين ودعم مالي بكل انواع الدعم الممكن.

ويضيف الحداد في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " ان مدينة تعز كانت لها نفس الدور الذي كان لمدينة عدن حيث شاركت في المظاهرات وفي النضال والتدريب والدعم المالي والدعم المعنوي اضافة الى الايواء دون ان تكون هناك اي حساسية بين الثوار بسبب انتمائيتهم للشمال او للجنوب .

وأكد الحداد انه بعد قيام ثورة سبتمبر التي شارك فيها الكثير من المقاتلين والمدافعين عنها من جنوب الوطن ذهب بنفسه مع بعض الشخصيات الجنوبية بينها الشهيد علي حسين قاضي وعبدالله علي عبيد في زيارة تهنئة مع وفد من ابناء عدن الى صنعاء لتهنئتهم هناك بقيام الثورة .

ويشير الى انه اثناء نضالهم في ثورة الـ14 من أكتوبر كان الكثير من القيادات الجيدة والمتعاونة مع الثورة في مدينة تعز التي كانت هي البوابة الكبرى للثورة وكان الثوار يحضرون اليها لتلقى التدريب وتلقى الدعم المالي والتسليح اضافة الى انها كانت محل الحركة الإعلامية للثورة .

ويؤكد الحداد في سياق تصريحه لـ " الصحوة نت " انه كما كانت عدن في البداية سندا وعونا وحاضنة للعمل الوطني والثوري شمالا وجنوبا كانت تعز أيضا حاضنة لكل أبناء الجنوب بدون نظرة مناطقية وكان الثوار في الجنوب يلقون هناك كل محبة واحترام حتى بيوت تعز فتحت لهم وزودتهم بالطعام والشراب .

وأشار الحداد الى ان مسميات الشمالي والجنوبي لم تكن متواجدة حينها وكانوا يعتبرون انفسهم كلهم يمنيون وأنه بعد توقف النضال أشهر بعد مقتل الشهيد لبوزة انطلقت القيادات من ابناء ردفان الى صنعاء والى تعز بحثا عن دعم للسلاح والمال وغيره حتى يعودوا الى مناطقهم للاستمرار في الثورة والاستمرار في النضال والكفاح.

وتطرق الحداد الى عدد من الشهداء من أبناء الشمال الذين كانوا سقطوا خلال ثورة الـ14 من أكتوبر منهم الشهيد حسن صالح الرداعي والشهيد طه احمد مقبل الذي كان مسؤولا عسكريا في الثورة والشهيد عبود علي غالب الشرعبي الذي تولى قيادة ثورة أكتوبر في بعض المناطق الجنوبية واستمر حتى انتصار الثورة إضافة الى كثير من الشهداء الاخرين .

 

وأوضح ان الثورتين كانتا بمثابة ثورة يمنية واحدة كونها انطلقت من وطن واحد وبرجال هم انفسهم بدئوها وأنهوها في الشمال والجنوب ولكن جاء بعدهم انتهازيون جيروا كل الاعمال وكل عمل وطني لحسابهم .

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى