تعد البنوك من أهم المنشآت المالية الحيوية في أسواق النقد لأي اقتصاد وطني حيث تلعب دوراً ريادياً واستراتيجياً في تنفيذ أهداف ومكونات السياسة النقدية وتساهم بشكل جوهري في تصعيد ركائز التنمية الاقتصادية للدولة.
غير أنه في اليمن التي عانت من نقص في النقد الأجنبي خلال فترة الحرب الحوثية التي شنتها على الدولة منذ العام 2014 وجدت البنوك اليمنية نفسها محاصرة بسبب الإجراءات والقرارات التعسفية التي نفذتها مليشيا الحوثي الانقلابية عقب سيطرتها على البنك المركزي في صنعاء.
ومع استمرار وضع البنوك اليمنية التي تعيش في اسوأ مراحلها المصرفية وتعطل كثير من مهامها وبرامجها ومشاريعها التنموية يرى خبراء أن من أبرز مسببات تدهور صرف العملة المحلية يعود إلى جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية، وأسباب أخرى مرتبطة بالحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية في البلاد منذ أكثر من 7 سنوات.
استهداف حوثي
يقول الصحفي محمد الجماعي المختص في الشؤون الاقتصادية "إن تأثير وجناية الحوثيين على سوق المصارف والبنوك واضحاً منذ فشل ما سميت ب "الهدنة الاقتصادية" في عهد رئيس الحكومة الأسبق خالد بحاح، التي ضمنت بقاء المركزي تحت سيطرة الحوثي وضمنت وصول كافة موارد الدولة إليه.
وأضاف الجماعي في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " أن الفشل جاء بالمتزامن مع نهب الحوثي موازنة وزارة الدفاع بقيمة ٢٥ مليار ريال شهريا والسحب على المكشوف، والوصول إلى حسابات المودعين في البنوك ومصادرتها بأحكام القضاء الحوثي، وأرصدة وودائع وأرباح البنوك في مركزي صنعاء.
وأكد الجماعي أن كل ذلك شكل ضغطاً كبيراً على الإدارات العليا للمصارف التجارية والإسلامية التي تلقت تهديدات من الحوثيين عبر جمعية البنوك وهو ما جعلها تحجم عن كثير من الأنشطة متأثرة بمشكلة السيولة وأحجام المودعين عن التعامل معها.
وأشار الجماعي إلى أن أول خطوة لانقلاب مليشيا الحوثي كانت التوجه نحو البنك المركزي ووضع يدها عليه، ثم فرض توجهاتها على قيادته وتعيين قيادات مليشاوية في مجلس إدارته ثم نهبه بمختلف الطرق وأهمها النهب المباشر.
وأوضح الجماعي أن أعمال مليشيا الحوثي توالت بعد ذلك في السيطرة على السوق الرسمية المصرح بها لإيجاد متنفس لخطتها في تحويل الأسواق البيضاء إلى أسواق سوداء في شتي المجالات بما فيها العملة والمشتقات النفطية والمواد الإغاثية .
وأختتم الجماعي تصريحه لـ " الصحوة نت " قائلا "إن المحافظ الأسبق للبنك المركزي "بن همام" اعلن عدم قدرة البنك على تمويل السلع الرئيسية في يونيو ٢٠١٦ ثم أعلن لاحقا بعد شهرين فشله أيضاً في دفع رواتب الموظفين ليكشف رئيس الحكومة الاسبق " بحاح " بعد ذلك عن مسئولية الحوثيين في تآكل احتياطيات اليمن في الخارج والتي كانت تقدر ب ٤.٧ مليار دولار.
انهيار كارثي
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي ماجد الداعري إن البنوك اليمنية تعيش في أسوأ مراحلها المصرفية منذ فترات طويلة جداً بسبب الأزمة وانعكاسات الحرب القائمة حالياً في البلد وتعطل كثير من مهامها وبرامجها ومشاريعها المختلفة في مجال التنمية.
وأضاف الداعري في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " أن هذا انعكاس طبيعي جدا نظرا للصعوبات والتحديات التي تعصف بالبلاد نتيجة الحرب القائمة والتي شنتها مليشيا الحوثي حيث أصبحت كثير من البنوك اليوم مهددة بالانهيار الشامل.
وأكد أن كل هذه التحديات المجتمعية وضعت اليمن على أعتاب مرحلة من الانهيار الكارثي في حال لم يتم استيفاء الاجراءات المتعلقة بوصول الوديعة وأيضاً المنح والمساعدات، إضافة إلى تفعيل موارد الدولة وإعادة تصحيح كل ما يتعلق بالدخل القومي للدولة الى البنك المركزي.
الاستقرار السياسي
وحول عملية استقرار صرف العملة اليمنية امام العملات الأجنبية، قال مدير كاك بنك فرع المنصورة في عدن ثابت الموزعي إن استقرار سعر الصرف في أي مرتبط بالجانب بالاستقرار الاقتصادي القرار السياسي لأي بلد إضافة الى ارتباطه بمستوى موارد هذه الدولة او هذا البلد.
وأضاف الموزعي في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " انه من الطبيعي أن نتذبذب سعر الصرف في البلد في ظل العوامل رغم كل المحاولات التي تبذل حكوميا من قبل البنك المركزي والتي تهدف الى استقرار سعر الصرف.
وأكد الموزعي أن الاستقرار المصرفي ما زال عند الحدود الطبيعية مقارنة بحجم التحديات والصعوبات التي تواجه الاقتصاد في اليمن رغم عملية المضاربات والسمسرة التي تنفذها بعض شركات الصرافة بالعملة الوطنية والتي القت بظلالها على معاناة المواطنين.
وأوضح أن الدولة والحكومة وقيادة البنك المركزي لا يزالون يبذلون جهد كبيرا رغم كل التحديات والصعوبات من أجل تحقيق نوع من الاستقرار في سعر الصرف، مشير إلى أنه بتكاتف الجميع سوف تسهم الجهود بشكل كبير في ثبيت سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
وكانت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قد أعلنتا عن وديعة للبنك المركزي اليمن بقيمة ثلاثة مليار دولار، وذلك بهدف دعم الاقتصاد اليمني وتعزيز قيمة العملة الوطنية.
وتنتظر الحكومة وصول الوديعة، وسبق وأن أعلنت عن ما أسمتها إصلاحات لاستيعاب الوديعة والاستفادة منها بالشكل المطلوب.
ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي أواخر العام 2014 شهدت اليمن أسوأ أزمة اقتصادية وإنسانية، وتوقفت أغلب الاستثمارات الخارجية في اليمن.