والجمهورية اليمنية تعيش الذكرى الـ60 لثورة سبتمبر المجيدة، يحضر دور محافظة تعز التاريخي في إسناد الثورة واحتضان الثوار خلال تلك المرحلة، والإسهام في إنجاحها وإسقاط الحكم الكهنوتي السلالي البغيض وإخراج اليمن من حالة الظلم والكهنوت.
حاضنة الثوار
حيث لعبت تعز أدوارا أساسية في جميع الثورات، ومثلت الحاضنة لتجمعات الثوار من مختلف الفئات والمناطق الشمالية والجنوبية، وكان لأبنائها دور فعال وبطولي في إنجاح ثورة 26 سبتمبر، ضد الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض، وثورة 14 اكتوبر ضد الاحتلال الأجنبي.
كما لعبت دوراً كبيراً في دعم الثوار في المحافظات الجنوبية ضد الانجليز، وكما ذهب أبناء الجنوب من مدينة تعز تحديداً للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر والدفاع عن صنعاء لتثبيت النظام الجمهوري ساندت تعز ثورة اكتوبر كونها شكلت القاعدة الرئيسية لكل الفصائل وكل الثوار بمختلف انتماءاتهم، وكانت المقر الرئيسي لجيش تحرير الجنوب وخاصة عدن وبقية المدن الأخرى.
وكانت تعز عاصمة ثانية لنظام الحكم الإمامي البائد، وبعد فشل حركة1948م أصبحت تعز يومها الأكثر حراكاً سياسياً وثقافياً وخلايا حزبية تحولت لاحقاً إلى تنظيمات حزبية تتبنى الثورة، منها الجمعية الوطنية الديمقراطية عام 1957م وجماعة المناضل الوطني عبدالغني مطهر، وجماعة القوميين العرب 1959م.
حلقة وصل
وصارت تعز حاضنة اللقاءات الأوسع وحلقة وصل للمواطنين من مختلف مناطق الوطن، فتواصل اللقاء بين المجتمع الزراعي والمجتمع التجاري الذي كانت المدينة حينذاك تعيش مفاعيله اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً، ما جعلها شديدة الاختلاف عن صنعاء بنزوعها التجاري وكثرة خيوط اتصالها بعدن المحتلة حينها وبسائر الأقطار المنتجة للبضائع والمصدرة لها، وكان مناخ تعز أصح من غيرها مناخاً لمتابعة جديد الأخبار وجديد المعامل، وتوافدت إليها مجاميع كبيرة من المحافظات المختلفة.
حيث كان لأبناء تعز دور كبير في قيام ثورة26سبتمبر ونجاحه والتحقت مجموعة كبيرة جداً من رجال تعز بالثورة في الأيام الأولى لقيامها، وشكلوا جزءاً كبيراً من الجيش اليمني الذي خاض المعارك طوال ثمان سنوات حتى الفترة.
ومن أبرز الأسماء الذين لعبوا دوراً كبيراً جداً في الدفاع عن الجمهورية من تعز الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب والوحش وأحمد الصغير، وغيرها من الأسماء، وكان لأبناء تعز بشكل عام نصيب وافر في الدفاع عن الثورة السبتمبرية الخالدة.
انتفاضات شعبية
رفض أهل الحجرية تسلط الإمام أحمد بن الحسين وعماله على الأهالي وعملوا على العصيان ما لبث أحمد بن المؤيد أن قمع عصيانهم وقام بأسر بعض المشايخ وأرسل بهم إلى قلعة الدملؤة في مديرية الصلو، وهناك قام المهدي الثاني بإعدام الأسرى وكانت سبباً لثورة الحجرية وصبر عليه عام 1094 واستمرت أحداث الثورة فترات متتالية حتى تم قمعها بعد أن كانت على مشارف النجاح.
وفي العام التالي قامت ثورة أخرى بصبر ضد الإمام المؤيد الصغير تم فيها إلغاء حي على خير العمل من الأذان، وانتفضت الحجرية مرة أخرى مساندة لصبر حتى سيطروا على البلاد من باب المندب ولحج إلى تعز غير أنه تم قمعها بكل وحشية.
ومن الانشطة الثورة التي احتضنتها تعز ضد الحكم الإمامي، حركة تعز وإب ضد الإمام يحيى عام 1928، حيث اجتمع بعض مشايخ إب وتعز في مدينة تعز وهم: سلطان عبدالله يحيى الصبري وأخواه إبراهيم وعلي، وعبدالوهاب نعمان، وزيد بن عثمان المساوى، وحميد بن علي الجماعي، وغيرهم، وأبرموا اتفاقًا على الثورة، وفصل بلاد إب وتعز عن سلطة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين.
إلا أن أمرهم انكشف للإمام قبل التنفيذ فجرد عليهم حملة هدموا بيوتهم وأحرقوها، وأسرهم جميعاً وكبلهم بالحديد، وسيقوا راجلين إلى صنعاء حيث أعدم بعضهم والبعض الآخر مات في سجون الإمام يحيى
تمويل أنشطة الثوار
كما كان لتعز أيضا دور بارز وكانت من أوائل الذين حضروا لانطلاقة الثورة من بداياتها وخلال الفترة من 57ـ 1962م استطاعت التيارات الحزبية أن تشكل تنظيماٍ موحداٍ هو “الجمعية الثورية الوطنية الديمقراطية” والتي حملت طابعاٍ جبهوياٍ ـ تحالفاٍ عريضاٍ في مكانه وزمانه وبعد دعوات إلى إصلاح النظام من 1936م جاء التنظيم الجديد إطاراٍ جامعاٍ ضم ممثلين عن مختلف مكونات المعارضة التي امتلكت من عام 55ـ1962م برامج مكتوبة ومعلنة تتبنى الثورة طريقاٍ لإسقاط نظام الحكم الإمامي الملكي وإيجاد البديل الوطني فكان لتعز ومواطنيها من شباب ومثقفين وتجار وعلماء وسياسيين ومشائخ قبائل ودين مستنيرين وعسكريين وطلائع عمالية ومزارعين ونساء
قبل قيام ثورة 1948م كان أحرار تعز تحديداٍ ونشاطهم الوطني في أماكن اغترابهم بالحبشة جيبوتي والصومال قاعدة للمعارضة الوطنية ومصدراٍ رئيسياٍ لتمويل مختلف أنشطة المنظمات السياسية المعارضة للنظام الإمامي والنموذج الأول لدعم النضال الوطني يتمثل بشراء مطبعة للجمعية اليمنية الكبرى بعدن تنفيذاٍ لمقترح قدمه المناضل أحمد عبده ناشر العريقي عام 1945م وتم شراؤها بتبرعات المهاجرين في الحبشة وقام بجمعها الشيخ جازم الحروي والذي قام بإيصال المطبعة إلى عدن وكان صدور صحيفة “صوت اليمن” لسان حال المعارضة وطباعة منشوراتها وأدبياتها من ثمار هذه المطبعة.
كما كانت لتعز وأبنائها أدوار فعلية عسكرية ومالية وإعلامية عشية ثورة 26سبتمبر 1962م وتمثل ذلك بشراء ونقل الأسلحة من القاهرة إلى عدن ومنها إلى تعز ومن تعز إلى صنعاء وغيرها وأيضاٍ القيام بنقل الرسائل ذات الأهمية التنظيمية والسياسية من قادة العمل الوطني في الداخل إلى قادة تجمعات المغتربين الأحرار ومعظمهم أبناء مناطق تعز وبرغم فشل حركتي 48و 1955م وإعلان إفلاس بعض التجار المغتربين بسبب التداعيات اللاحقة واصل تجار تعز في المهجر والداخل دعمهم المادي والمعنوي حتى قيام ثورة سبتمبر 1962م.