هذه السطور مهداة للشهيدين :
ياسر عبد الحفيظ مهيوب و حيدر جعفر الشرعبي
و للدفعة الثانية من خريجي و خريجات التاريخ والعلوم السياسية بجامعة تعز.
كان لي شرف الحضور إلى حفل توديع الدفعة الثانية من طلاب و طالبات العلوم السياسية بجامع تعز، دفعة: ( سياسيون لبناء الوطن) .
نثق أن شبابنا و شاباتنا في جامعة تعز و كل الجامعات، و في قسم العلوم السياسية، و كل الكليات و الأقسام، و سائر التخصصات هم من سيتكئ عليهم الوطن ، اليوم، و غدا، و هم من سيقودون نهضته القادمة.
تعيش اليمن منذ ثماني سنوات أوضاعا استثنائية، فيها من الصعاب، و المشاق و التحديات ما تنوء عن حمله الشعوب المترفة.
و لعل هذه القدرة الكفاحية، و قوة التحمل الأسطورية سببا من أسباب خذلان المجتمع الدولي، و منظماته الدولية التي بدت و كأنها لا تقف - فقط - عند حدّ اختبار قوة شكيمة هذا الشعب ؛ بل تبدو ؛ و كأنها تذهب وراء رغبتها إلى أبعد من ذلك..!!
شعب ؛ يقف انتصارا لحاضره و مستقبله، و هو يتضوّر جوعا ؛ لكنه لا يفرط بالكرامة و الشرف ، و ينوء تحت شدة الحاجة، و لكنه يأبى الرضوخ و الاستسلام، و تقل أمامه فرص التعلم، و لكنه يطلبه تحت دوي المدافع، و سعير نيران العدو الذي فرض الحرب على اليمن و اليمنيين؛ بضوء أخضر من كل أعداء الحياة.
هذا الصمود في ميدان مقاومة مليشيا عنصرية في خطوط التماس، و صمود الطلب للعلم و التعلم في قاعات الجامعات، و قاعات المدارس و المعاهد ؛ برغم الظروف الاستثنائية البالغة السوء يعني الكثير ، و يجبر كل من يقدر الإنسان، و يحترم فعلا حقوق الإنسان؛ يجبره أن يقف وقفة إجلال و إكبار لشعب استعصى على الظروف ، و استعصى على المتربصين، و استعصى على الخداع الأممي و التماهي المريب لمبعوثيه مع أعداء الحياة .
لله أنت أيها اليماني الجسور ؛ تمسكت بالقلم ، و رحت تنهل من صفحات الكتب؛ فأبى الظالمون و أعداء الحياة إلا أن يجبروك على ضم البندقية مع القلم و الكتاب؛ للدفاع عن حاضرك ومستقبلك، فرحت تعنْون لظروف حياتك الاستثنائية بمختصر القول :
قف دون دينك في الميدان ممتشقا
للبغي سيفا و قف للجهل بالقلم !
لم تُصَب بلعنة الشعوب المترفة، التي تئن من كمية الغاز إن نقصت، أو حوصرت في شيئ من أشيائها، و لا انهارت أعصابك لأن نسبة التضخم بدأت تصل بقدر ما إلى مائدة طعامه، و ملبسه، و ترفه ، و سياحته ؛ ليس لأنها متوفرة عندك، و لكن لأن إرادتك استعصت على تلاعب تلك الحكومات المترفة التي ظنت أنها ستظل لاعبا فردا لا ترتد عليه أي هجمة عكسية.
ما لنا و للحكومات المترفة، و لكن تعالوا نستلفت أنظار المبعوث الأممي ، و لا بأس أن نستلفت معه أنظار المبعوث الأمريكي؛ و لكن ليس لنستعديهما على هذا الشعب اليمني العظيم الذي يمارس حياته في شتى مجالاتها، معتزا بخالقه وحده، مثبتا قدميه على تربة أرضه .
طلابنا أيها المبعوثان يختبر الكثيرون منهم في قاعات يسمع من فيها عزف المدافع لقربها من خطوط التماس..!
هل تعلمان أيها المبعوثان ( القلقان ) أن الطالب / ياسر عبد الحفيظ و زميله / حيدر الشرعبي، كان يفترض أن يكونا ضمن خريجي هذه الدفعة التي تحتفل تعز بتخرجهم، لكن (هدنتكم) الخادعة المخادعة أودت بحياة الطالبين شهيدين جراء عدوان المليشيا الحوثية، فيما تكتفيان أنتما بالتعبير المتكرر عن ( القلق) حتى بتنا في اليمن نخشى أن يصيبكما اكتئابا نفسيا بسبب القلق المتكرر الذي تشكوان منه ! و نرجو ألا يكون قلقكما حقيقيا – كما يردد بسخرية أغلب الناس - حتى لا تتحمل المن التبعة.
يمارس شبابنا الرياضة و كأنها دولة في قمة استقرارها، و ها هم ينافسون على بطولة رياضية.
شبابنا و شاباتنا لا يشعرون بالقلق، و لا ندري أيها المبعوثان ماذا سيكون شعوركما لو علمتم أن كثيرا من طلاب الجامعات يغدون من متارسهم إلى قاعات الامتحانات، و إليها يعودون؛ و لا يفعلون ذلك عن تسلية أو هواية، و لكنها الضرورة و الواجب اللذان أجبراهما على امتشاق البندقية جنبا إلى جنب مع القلم و الكتاب ، بسبب الكيد المعادي، و المغالطات الأممية، و مجسّم الهدنة الكذوب ، و انشغال المبعوثين عن مهامهما بممارسة (التظاهر) بالقلق..!!
معذرة لكم أيها الطلاب و الطالبات ، أيها الخريجون و الخريجات في كل الجامعات إذ مضينا بعيدا عنكم، فلكم كل التهاني و النجاح ، فامضوا للعمل و البناء ، شامخين برؤوسكم أطباء ، و مهندسون و ..سياسيون لبناء الوطن ، و أما أنتما أيها العملاقان: ياسر و حيدر و كل الشهداء، فلقد مضيتم شهداء في الدفاع عنا و عن الوطن.