خبر صادم مني به المشهد الثقافي اليمني صباح هذا اليوم برحيل الأديب الروائي وليد دماج رحمه الله إثر أزمة قلبية حادة أصيب بها في مدينة عدن.
رحيل مبكر وموجع لروائي متمكن، ولإنسان مخلق عرفه الأدباء والمثقفون بشوشا بسيطا ومسكونا بالوداعة والجمال، ومحاسبا حذقا اشتغل في حقل الرواية فأنجز أعمالا روائية متميزة على المستويين المحلي والعربي، نال عن بعضها جوائز عربية، وتمثل امتدادا إبداعيا لمدرسة عمه الروائي الشهير زيد مطيع دماج الذي حذا حذوه في تحميل الرواية مضامين وطنية وتاريخية وإنسانية تجعل من العمل الروائي حقلا معرفيا ونسقا فنيا، ووثيقة إنسانية تؤسس لعوالم الحق والجمال والخير.
ورغم رحيله المبكر أنجز وليد المولود عام 73 من القرن الفائت في قرية دماج في بلاد إب عددا من الأعمال الروائية كانت باكورتها رواية (ظلال الجفر) التي نال عنها جائزة دبي للرواية، وصدرت عن دار الآداب في بيروت، عام 95، تلتها رواية (هم) التي صدرت في القاهرة عام 2015، وكانت آخر رواية صدرت له هي روايته التاريخية (وقش) التي استغرق في كتابتها خمس عشرة سنة، وله مايزيد عن سبع روايات مخطوطة، وعدد من الأعمال القصصية المنشورة في عدد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية المحلية والعربية.
تخرج وليد في قسم المحاسبة بكلية التجارة جامعة صنعاء عام 1996 ثم عمل محاسبا في عدد من المرافق الحكومية، ثم سكرتيرا ماليا لوزير الثقافة، فمديرا تنفيذيا لصنعاء عاصمة الثقافة، ثم مديرا لصندوق التراث التابع لوزارة الثقافة وهي الوظيفة التي قربته كثيرا من الأدباء والمثقفين لتعامله الراقي معهم وسعيه في تذليل الصعاب أمامهم مما جعله محط احترام الجميع رحمه الله.
رحل وليد.. وسيرحل غيره من الأدباء المبدعين.. وفي كناناتهم لا تزال الكثير من مباهج الكلمة الجميلة ومشاعل الإبداع، وليس إلا الصمت القاتل والسكون الموحش في وطن منكوب يودع أبنائه في متوالية درامية محزنة بعضهم إلى المهاجر والمنافي وبعضهم إلى مقابر ازدحمت بالموتى الأحياء، وظلت تتابع في نهم طاعن عواصف الموت وشلالات الدم.. فماذا بعد؟