في معركة وطنية وعروبية كبرى، و في معركة قومية و إسلامية مثلى ؛ لا تقتصر المشاريع المشبوهة في ممارسة الإقصاء على فرد يراد إبعاده، و لا تقف عند مكون أو طرف سياسي يراد تهميشه. لكن الإقصاء في مثل معارك هذا الميدان، تتجاوز مشيئة الناقمين و المتربصين هذه الأماني إلى مستوى إقصاء أوطان أو وطن، و سلخه من محيطه العروبي و الاسلامي، و رميه الى محيط خارج إخوته و بيئته، على قاعدة : " أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ".
إن معركتنا في اليمن و هي معركة وطنية ؛ لكنها في الأصل أكبر من معركة وطنية ؛ لأنها تصل في حقيقتها الاستراتيجية و الحضارية، بل و الوجودية إلى أنها معركة و طنية قومية إسلامية.
إننا لسنا - فقط - في معركة للتخلص من مشروع جماعة ارتهنت لإيران على سبيل الاستعانة المحدودة، لكننا في خضم معركة وطنية كبرى تفرض على كل مكونات الوطن و قواه السياسية أن تستشعر شراسة الاستهداف بأبعاده الوطنية، والعربية، و الإسلامية من جهة ، و أبعاده التاريخية و الثقافية، و الحضارية من جهة أخرى.
إن التعامل السطحي مع قضية وطن يراد إقصاؤه و سلخه و إبعاده عن وطنيته، و عروبته، و عقيدته و هويته؛ لهو أمر يستنفر البشر و الشجر و الحجر . و إنها لقضية لا تغنيها شيئًا ردود أفعال ساخطة، أو تذمرات عابرة، و إنما تحتاج إلى اصطفافِ صف أحرار موحد الهدف، موحد الإرادة، موحد القرار ، و مالكا له.
إن إحسان الظن بالأشقاء العرب جميعا، أمر مطلوب ، غير أن إحسان الظن - هذا - لا نريده رصيدا مكشوفا، و لكننا نريده مشفوعا باستشعارهم بشراسة المعركة التي يخوضها اليمنيون ضد الاستهداف الفارسي، و الذي لاتقف أطماع مشروعه عند اليمن فقط!
كثيرا ما تحدث رسميون من الشرعية، و غير رسميين ، و من وقت مبكر ، عن ضرورة و أهمية تقييم أداء المعركة مع مليشيا إيران، و أنه لابد من رؤية واضحة تكون الشرعية حاضرة فيها، و تحسب هذه السطور، أن الحاجة و الضرورة و الأهمية، ماتزال قائمة.
بقدر ما نعول على الأشقاء العرب، فلا يعني ذلك التواكل لأن الواجب المفروض - أولا و أخيرا - على اليمنيين ممن ينظرون في فضاء واسع، و أفق مشرق، و ليس الذين لا تتجاوز أنظارهم ما تحت أقدامهم، و لا أولئك الذين يدورون حول ذواتهم.
و مادام قد تكشفت المواقف الرخوة للمجتمع الدولي، و ظهر فزع البعض من المشروع الفارسي، و برز الملف النووي الإيراني في الشأن اليمن، فإن أحرار اليمن مدعوون بنداء الواجب لاصطفاف جامع يوحد الطاقات ، و يوحد الجهود لخوض معركتهم حتى النهاية، فالشعوب باقية ، و هي من تقاوم ، و تجاهد حتى تنتصر.