يستقبل ملايين النازحين والمشردين جراء الحرب التي اشعلتها مليشيات الحوثي؛ عيد الاضحى المبارك هذا العام وهم يعيشون تحت سياط الفقر والغلاء عاجزين عن شراء أقواتهم الضرورية فضلا عن الأضاحي واحتياجات العيد.
ويعيش النازحون للسنة الثامنة على التوالي بمخيمات النزوح في ظروف مادية صعبة، بسبب الحرب والفقر والأزمات المتلاحقة التي سلبت فرحتهم بالعيد، وجعلت غالبيتهم العظمى ينتظرون المساعدات القادمة من المنظمات والجمعيات الخيرية على شحتها لتعينهم على إحياء أجواء العيد ولو جزئيًا.
ويعتبر النازحون الذين لجؤوا إلى مناطق وقرى في محافظة الضالع ، هم الأسوأ حالاً، فإضافة إلى عدم توفر مأوى لهم سوى خيام مهترية ومتناثرة في الشعاب في أحسن الأحوال، فإن غلاء المعيشة والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، صعب حياتهم أكثر وجعل الفرحة بقدوم العيد غير ممكنة.
أوضاع مزرية
ويعيش النازحون والمشردون من منازلهم الى محافظة الضالع، أوضاع مزرية بسبب إرتفاع أسعار السلع والضروريات في ظل تدني القيمة الشرائية للعملة الوطنية وانقطاع الرواتب لسنوات على ضألتها.
وتمثل إيجارات المساكن مشكلة اخرى تضاف إلى معاناة النازحين وأوجاعهم في ظل تدهور الأوضاع على كافة الصعد والمجالات السياسية والاقتصادية والإجتماعية.
وفي ظل عجز الامكانيات لجاءت العديد الأسر للقرى البعيدة عن الخدمات للعيش مجانا في الشعاب او بعض المدارس والمباني العامة كمجمع الوحدة بالجبارة الذي تقطنه ثمان أسر ومبنى دار ومدرسة القران الكريم بقعطبة.
وتقطن عشرات الاسر في قاعات الدراسة رغم عدم أهليتها للسكن وحالة المعاناة التي تتجرعها نتيجة لذلك، لأنها لم تجد مكان آخر تسكن فيه، أو لعدم مقدرتها في دفع إيجارات السكن بمبالغ كبيرة تفوق طاقتها.
ومن هؤلاء النازحين المواطن حمود، الذي يتواجد في احدى المدارس والذي تحدث للصحوة نت عن معاناة كبيرة بسبب سكنه في المدرسة جراء غياب الخدمات "لكنه الخيار المتاح أمام عائلته التي لم تجد مكانا آخر برغم البحث المضني والمستمر عن السكن".
ويقول النازح علي المسوري إن غلاء الأسعار وضعف قدرة المواطن الشرائية أفسدت فرحة العيد، ونكدت عليه معيشيته، إذ ما عساه أن يفعل، بعد أن بلغ قيمة واية الماء سعة ( 5000 لتر ) إلى 30 ألف ريال.
ويؤكد نازح اخر للصحوة نت أن العيد اصبح بالنسبة له مناسبة ثقيلة وقاسية فهو بالكاد يستطيع تحمل نفقات استئجار منزل للسكن 40 الف وشراء وات ماء، أما ملابس العيد والأضحية فمن المستحيل توفير قيمتها إلا إذا جاءت معجزة من السماء - على حد قوله.
معاناة مفتوحة
ويواحه النازحون من سكان قرى مناطق التماس، شمال وغرب مريس، والعود بمحافظة الضالع منذُ ما يزيد عن سبع سنوات، معاناة مفتوحه تركتها الحرب وويلاتها على النازحين والمشردين من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية.
ولا يزال هؤلاء محرومون من العودة إلى أرضهم ومنازلهم، ويحلمون كل لحظة بميلاد فجر جديد يبشر بالعودة ويضع حد لمعاناتهم التي يرجون أن لا تطول كثيراً.
ويعتمد النازحين على المساعدات الانسانية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي من دقيق وأرز وزيت وسكر وغيرها، وكانت تغطي جانب كبير من نفقات الأسرة وعجزها في هذا الجانب، غير أن توقف البرنامج عن صرف هذه المواد قبل عدة أشهر ضاعف من معاناة المواطنين ومأساتهم.
( ص، م، ق ) أحد النازحين من منطقة سون غرب مريس، ويسكن في قرية الكتمي، كان قد قصد صرافة الكريمي في الجبارة قبيل العيد كما هي العادة للبحث عن المبلغ المالي الذي يتسلمه شهرياً من برنامج الغذاء، ودون أن يعلم شيء عن توقفها، لكنه تفاجأ كثيراً بهذا الخبر السيئ، فالعيد على الأبواب وهو لا يملك في مخيم النزوح سوى نصف كيس من الدقيق.
ولا يفكر هذا النازح كغيره من النازحين مطلقاً بكسوة الأطفال ولا بشراء الأضحية، فهما صارتت بالنسبة له بعيدة المنال، وكل تفكيره ينصب في لقمة العيش الأساسية للأسرة.
ويمثل ذوي الدخل المحدود، غالبية السكان في محافظة الضالع، وفي ظل تزايد أعداد الفقراء والمعدمين بسبب الحرب والأوضاع الاقتصادية المتدهورة؛ بات هؤلاء النازخين والمشردين عاجزين عن شراء أضاحي العيد، ينتظرون ما قد تجود به الجمعيات والمؤسسات الخيرية من لحوم .
أرقام قياسية
وبحسب الناشط الإعلامي " سليم حاتم " فإن المواطن العادي لم يعد بمقدوره شراء أضحية العيد في ظل هذه الأوضاع، خاصة بعد أن بلغت أسعار الأضاحي هذا العام حد لا يطاق لتصل إلى أرقام قياسية.
وتراوحت أسعار الأبقار ليصل قيمة الثور الواحد ما بين الألف دولار إلى قرابة الألفي دولار ، أما أسعار الضأن والماعز فتتراوح قيمة الواحدة منها ما بين المائة إلى 150 - 250 ألف ريال وهي أسعار وفقاً لحاتم تفوق قدرة المواطن وطاقته الشرائية.
واكد رئيس جمعية البشائر الخيرية الشيخ عادل القاضي أن الأوضاع الإقتصادية تزداد تردياً وصعوبة، ومعها تتسع رقعة الفقر والحاجة في أوساط المجتمع.
وقال إن هذه الظروف للأسف دفعت بعض الأيادي لدرجة أن تمتد بالسؤال؛ بوقت ما كان لها أن تفعل ذلك، لولا الفقر وغلاء المعيشة التي سببتها الأزمات وطول أمد الحرب.
وأضاف" إن جمعيته الخيرية تسعى جاهدة من خلال مشاريعها المتعددة التخفيف من وطأة الفقر والمعاناة عن المجتمع، وبخاصة مشروع الأضاحي الذي توليه أهمية كبرى، نظراً لما يحققه هذا المشروع من ثمار عظيمة وما يتركه من نتائج تنعكس بشكل واضح وجلي عبر حالة الفرحة والسرور المرتسمة على وجوه الأسر المتعففة خلال أيام العيد.
حلول ناقصة
ويقول الحقوقي والناشط الإجتماعي " أحمد الضحياني " أن محافظة الضالع ومديرية قعطبة تحديداً تكتظ بالآلاف من أسر النازحين والمشردين قسرياً من منازلهم، وأضطرتهم ظروف الحرب الابتعاد عن مناطقهم وفقد البعض منهم مصدر عيشه.
كل هؤلاء وفقاً للضحياني باتوا ينتظرون الجمعيات والمؤسسات الخيرية وما تقدمه في هذا المجال، الأمر الذي ضاعف من مسئولياتها و أصبح من الواجب عليها أن تقوم بتوسيع نطاق الإستفادة من مشاريعها بما يستوعب الأعداد المتزايدة من المستفيدين، والذي تتضاعف أوضاعهم بشكل متسارع من حين لآخر.
ولأن مشاريع الأضاحي التي تنفذها الجمعيات لا تستطيع أن تستوعب كافة المتضررين والمحتاجين من الفقراء والنازحين، فإن الكثير وتحت ضغط المطالبات والإلحاح الشديد تضطر القائمين على الأضاحي إلى تخفيض حصة الفرد الواحد من اللحوم بحيث تشمل أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
وتعتبر الجمعيات الخيرية وما تقدمه في هذا الجانب واحدة من حلول وبدائل ممكنة، ولكنها تظل حلول ناقصة ولا تفي بحاجة أعداد الفقراء والنازحين المتزايدة من وقت لآخر نتيجة الأوضاع المضطربة وغير المستقرة في البلاد.