حصار تعز.. قصص من المعاناة وموت بطيء تحت أنظار العالم

حصار تعز.. قصص من المعاناة وموت بطيء تحت أنظار العالم

بعد فراق طويل بسبب الحصار الحوثي، وحلم كان يتجدد كل يوم بلقاء يجمعه بوالدته، تفاجأ الصحفي خالد راجح، باتصال يحمل له نبئاً صادماً، يخبره أن أمه أصيبت بجلطة في الدماغ، وحالتها خطيرة.

وقف راجح حائراً أمام هذا النبأ الحزين، فهو لن يستطيع زيارة والدته إلى منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، بسبب حصار مليشيات الحوثي للمدينة، ومطاردتها للصحفيين في آن واحد.

 

حصار قاتل

لم يتمالك راجح نفسه، ولم يجد حيلة تمكنه من زيارة والدته، فهو إن سافر سيحتاج الى 8 ساعات من أجل أن يصل من قلب مدينة تعز، إلى منطقة الحوبان شرق المدينة، وهي مسافة كانت قبل الحصار الحوثي تقدر بـ10 دقائق فقط، وإن غامر وقطع هذه المسافة قد يتعرض للاختطاف من قبل الحوثيين.

راجح واحد من آلاف السكان في تعز الذين لايزالون يعانون الأمرين من حصار المدينة، ويسلكون طرقاً طويلة وضيقة تختنق يومياً بمئات السيارات والشاحنات والحافلات، وأغلبها غير معبّدة تلتف حول المدينة والجبال المحيطة بها هرباً من الحصار.

يقول راجح" لقد تكالبت علينا الظروف، وفرق الحصار الحوثي بين المرء وأقاربه،  فلم نستطيع زيارتهم، ولم يستطيعوا  هم كذلك، بسبب الحصار وطول المسافة ووعورة الطريق".

وأضاف بحرقة كبيرة "فارقت والدتي الحياة وفي داخلها شوق كبير وحنان وفير لرؤيتنا، ماتت وفي قلبها أمنية أن تلتقي بأبنائها وتخمد نيران الشوق بعد أن حرمت منهم طوال سنوات الحرب، لكن الحصار الحوثي وقف حاجز أمام تحقيق تلك الأمنية البسيطة".

وأردف قائلاً "ليست والدتي أول من يفارق الحياة من عائلتنا، فقد سبقها والدي ثم خالتي وخالي وزوجت خالي ولم استطع توديعهم أو القاء النظر الأخيرة عليهم، ومن لا يزال على قيد الحياة من أهلي لم أستطيع اللقاء بهم منذ ثمان سنوات ونحن نسكن في محافظة واحدة، لكن الحصار الغاشم جزأها وفرق بين المواطنين".

 

معاناة يومية

ولم يكن راجح هو الوحيد الذي تعرض لهذا الكم الكبير من القهر والوجع، وإنما هو نموذجا مصغرا للمعاناة اليومية  التي يتجرعها أبناء مدينة تعز، بسبب الحصار الحوثي الذي جعل سفر 10 دقائق إلى ساعات طويلة، وفرق بين الأسرة الواحدة، ومنع المئات من إلقاء النظرة الأخيرة على أقرب الناس إليهم.

الحجة زينب (60 عاماً)، هي نموذج آخر للمعاناة، حيث تقول "كنت قبل اندلاع هذه الحرب أتمنى زيارة بيت الله الحرام، لكن اليوم أصبحنا في ظل وجود هذه الجماعة التابعة لإيران نحلم بزياره منطقة الحوبان التي  لا تبعد عنا سواء دقائق".

وتضيف الحجة زينب التي تعاني من مرض القلب والضغط  قائلة "لا أقوى على السفر بهذه الطريق  الوعرة التي تجعلني أفقد كل قواي وأخاف أن أموت في الطريق قبل أن أصل الى بلادي  حالتي ومرضي لا تتحمل مشقة السفر 6 ساعات عبر طرق جبلية وفرعية".

وتقول متسائلة "ماذا يستفيد الحوثيون من حصارنا في تعز غير أنهم يتلذذون في عقابنا بشكل جماعي، بسبب رفض السكان لهم، ومقاومتهم، وتكبيدهم خسائر كبيرة طيلة سنوات الحرب، وعندما عجزوا عن دخول المدينة لجأوا إلى حصارنا".

المواطن أحمد غالب يشرح معاناته قائلا "توفي شقيق زوجتي في القرية، وبسبب الحصار الحوثي الذي رفع ايجار السفر، من 100 ريال إلى 20 ألف ذهابا وإيابا، لم نجد حق المواصلات".

وأضاف "لم نستطيع السفر بسبب الظروف الراهنة والحصار الجائر على هذه المدينة، واذا سافرنا سنحتاج  تكاليف بأكثر من  100 الف، وبسبب ذلك حرمنا الزيارة، وأداء واجب التعزية، واكتفينا بالاتصال".

 

تخاذل أممي

بدوره شرح المواطن حمزة الصبري معاناته قائلا" سافرت أمي إلى منطقة الحوبان لغرض زيارة أبنائها لكنها فارقت الحياة هناك، ورغم قرب المسافة التي لا تبعد سوى ربع ساعة لم أستطيع زيارتها الأخيرة، بسبب الحصار الحوثي وطول مسافة الطريق".

وأضاف الصبري قائلا "المليشيات الحوثية تستمتع بعقابنا، وكلما سمعت بمثل هذه القصص  تزاد وحشية على أبناء هذه المدينة وتزيد من الحصار وتكثف زرعة الألغام".

ويفاقم حصار تعز الأوضاع الإنسانية، حيث تمنع المليشيات الانقلابية دخول المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية والإنسانية إلى المدينة المكتظة بملايين المواطنين.

ورغم إعلان الهدنة الأممية التي تنص على فتح طرقات تعز والمحافظات الأخرى، والتي استبشر المواطنون بها لإنهاء المعاناة، إلا أن ذلك تحول إلى معاناة جديدة للسكان بسبب الوعود الحوثية الكاذبة، وتخاذل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بعدم ممارسة الضغط على المليشيات لتنفيذ الاتفاق.

ومع مرور ثلاثة أشهر من سريان الهدنة بعد تمديدها إلى الثاني من أغسطس (آب) لا يزال الملف المتعلق بفك الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات عالقاً في مكانه بسبب تعنت الحوثيين الذين طرحوا فتح طرق فرعية تقول الحكومة اليمنية إن فتحها لن يؤدي إلى فك الحصار أو تخفيف معاناة السكان.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى