للعام الثامن على التوالي تعيش مدينة تعز، من دون كهرباء حكومية، في ظل وعود حكومية متكررة بإعادة الخدمة، إلا أن تلك الوعود لم ترى النور منذ سنوات، الأمر الذي أجبر السكان للجوء للكهرباء التجارية وتحمل تكاليفها المالية الباهظة.
وتسببت الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي على المدينة، بتدمير المنظومة الكهربائية، خاصة محطة عصيفرة التي كانت تعمل بقدرة 15 ميجا وات، واصبحت خارجة عن الخدمة بشكل كامل، وبلغت التكلفة التقديرية للتدمير الحاصل فيها 6.3 مليون دولار بحسب تقرير حكومي.
وعود حكومية
وفي يوليو 2021 بدء محافظ تعز نبيل شمسان تحركاته من أجل إعادة منظومة الكهرباء الحكومية إلى الخدمة، ووجه مؤسسة الكهرباء بإنجاز الدراسات الفنية والخطوات العملية لإعادة تشغيل الطاقة الكهربائية الحكومية.
وفي مارس 2022 أعلنت الحكومة اعتماد مشاريع القرارات المقدمة من المجلس الأعلى للطاقة، والهادفة إلى معالجة أوضاع الكهرباء وتحسين القدرات التوليدية في عدن والمحافظات المحررة، وأقرت الحكومة حينها تجهيز وثائق مناقصة ٣٠ ميجا وات لمحافظة تعز بنظام (بي او تي) وتعمل بالمازوت.
غياب التمويل
وفي هذا السياق قال مدير مؤسسة الكهرباء في تعز، المهندس عبدالكريم البركاني إن سبب تأخر إصلاح محطة عصيفرة هو عدم وصول التمويل الحكومي رغم تكرار المطالبة، لافتا إلى أن تكلفة المرحلة الأولى من اعاده تأهيل المحطة سيكلف مليون وثمانمائة الف دولار تقريبا.
وأضاف البركاني في تصريح لـ" الصحوة نت" أن شركة بلحاف عملت دراسة لصيانة محطة عصيفرة ورفعتها للمحافظ لرفعها لرئاسة الوزراء بجانب الدراسة التي اعدها مهندسين محطة عصيفرة والحكومة تختار اي دراسة، والمحافظ سيعمل على متابعة المناقصة وتكاليف إصلاح محطة عصيفرة لدى رئيس الوزراء.
وحول محطة الـ30 ميجا، قال البركاني إنه تم رفع المناقصة للمجلس الأعلى للطاقة قبل أسبوع تقريباً ومنتظرين عقد اجتماع المجلس وتحويلها الى وزارة الكهرباء لإعلان المناقصة، مستدركا "لكن متى سيكون الاجتماع لا ندري".
أسعار باهضة
وبسبب استمرار غياب الكهرباء الحكومية، أصبح غالبية أبناء تعز يعتمدون على الطاقة الشمسة، والكهرباء التجارية والتي وصل سعرها إلى 1000 ريال للكيلو الواحد، مما ضاعف معاناة المواطنين والمحلات التجارية بسبب أسعارها الباهظة.
ومؤخرا عملت السلطة المحلية بالمحافظة على مراجعة أوضاع فرع المؤسسة والرقابة لأسعار الكهرباء التجارية وأقرت تحديد تسعيرة جديدة لسعر الكيلو وات، غير أن المؤسسات التجارية لم تلتزم بالتسعيرة المحددة، وأعلنت الإضراب عن العمل الأمر الذي أدخل المدينة ومرافقها في ظلام دامس.
وعقب رفض مالكي مولدات الكهرباء التجارية تنفيذ توجيهات السلطة المحلية بالتسعيرة المحددة، تم تنفيذ حملات أمنية وإغلاق المولدات في محاولة للضغط على أصحابها بالالتزام إلا أن تلك الإجراءات باءت بالفشل وعادت الأسعار الى ماكنت عليه.
المعاناة مستمرة
وبين سندان جشع تجار الكهرباء، ومطرقة تنصل الحكومة من الوفاء بوعودها في إعادة خدمة الكهرباء الحكومية، يعيش أبناء تعز، ومع كل ارتفاع لأسعار الصرف ارتفعت فواتير الكهرباء، الأمر الذي يفاقم من معاناتهم ويتسبب بتعطل أعمالهم.
وشرح احد تجار الآيسكريم لـ" الصحوة نت" معاناته قائلا" اسدد فاتورة الكهرباء بـ 120، وأحيانا تصل إلى 150الف ريال شهريا، في حين أرباح الآيسكريم لا تستطيع تغطية هذا المبلغ، بالإضافة إلى إيجار المحل وغيره".
وأوضح أن العمل تراجع بشكل غير مسبوق بسباب ارتفاع أسعار الآيسكريم متأثرة بالصرف، واصبح المواطن يعزف عن الشراء، وفي حال تم إطفاء الثلاجة سيذوب الآيسكريم، وستصبح الخسارة مضاعفة.
وأشار إلى أن العمل خلال هذه الفترة خاصة أصبح لا يغطي فاتورة الكهرباء ولا إيجارات، وتمر ايام ونحن لا نوفر مصروفنا اليومي، وأنا أفكر حاليا بإغلاق المحل والتوجه نحو أعمال أخرى أستطيع من خلالها توفي لقمة العيش للأطفال.
خسائر كبيرة
وبحسب تقرير أنجزه مكتب كهرباء تعز في 2018 ، إثر مسح ميداني للأضرار الحاصلة لقطاع الكهرباء، شمل محطة توليد عصيفرة وشبكات التوزيع المختلفة (الهوائية والأرضية) التي تعرضت للدمار والنهب والسرقة، إلى أن التكلفة التقديرية للأضرار الناتجة عن تدمير خطوط ومحطات نقل الطاقة (132 ك.ف) وشبكات توزيع الضغط العالي والمنخفض ومحطات التحويل الفرعية (11 33 ك.ف)، نتيجة الحرب والسرقات والنهب لكابلات النحاس والمحولات، بلغت 12.2 مليون دولار.
وبلغت التكلفة التقديرية للتدمير الحاصل في محطة توليد عصيفرة 6.3 مليون دولار. فيما قدرت أضرار قصف وتدمير مبنى المؤسسة العامة للكهرباء، منطقة تعز، وجميع المباني التابعة لها، بالإضافة إلى نهب جميع أدوات العمل والأجهزة ووسائل النقل التابعة لقطاع الكهرباء، 3 ملايين دولار، بحسب التقرير.