تعاني مدينة تعز التي تعد ثاني أكبر المدن اليمنية كثافة سكانية، من حصار خانق تفرضه مليشيات الحوثي منذ 8 أعوام، وسط تعنت حوثي مستمر، ورفض لكل المبادرات الأممية لفتح طرقات للمدينة والتخفيف من معاناة السكان وفقا لاتفاق الهدنة الأممية.
ولم تكتفِ المليشيات الحوثية بالحصار المطبق على المدينة بل قامت بتدمير عشرات المدارس الحكومية والأهلية وإخراجها عن الخدمة و تشرد ونزح الآلاف من الموظفين وحرمان نحو200 ألف طالب وطالبة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي من التعليم بسبب المدارس الوقعة في خطوط التماس.
وتسبب حصار مليشيات الحوثي في تفاقم معاناة النساء والأطفال وعرقلة وصول الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وتقيد تنقلات المواطنين داخليا وخاصة للفئات الأشد ضعفاً والأطفال وكبار السن ولمرضى، وحوّل المدينة التي كانت عامرة بالحياة، إلى سجن كبير، وخلف مأساة إنسانية غير مسبوقة.
عقاب جماعي
وبعد أن كان الوصول من الحوبان إلى قلب مدينة تعز يستغرق 15 دقيقة، عبر طرق رئيسية، تحول عقب فرض المليشيات الانقلابية لحصارها الغاشم إلى 7 ساعات عبر طرق جبلية وعرة وخطرة، الأمر الذي تسبب في تداعيات إنسانية فادحة على المدنيين وخصوصاً المرضى.
وخلال الأيام الماضية شهدت مدينة تعز تصاعد في الفعاليات الاحتجاجية من وقفات ومسيرات للمطالبة بإنهاء الحصار والتنديد بالصمت الأممي والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان على تعنت الحوثي والاستمرار في حصار السكان والمدنيين في المدينة".
وقال المواطن أسامة الخديري، إن حصار تعز أصبح عقاب جماعي ضد المواطنين، وهو يعكس حقد المليشيات الحوثية على المدينة وسكانها بسبب مواجهتهم للانقلاب الحوثي ورفضهم الخضوع له بالانخراط في المقاومة الشعبية والجيش الوطني.
وأضاف الخديري لـ" الصحوة نت" "كنا نقطع مسافة 15 دقيقة إلى قلب المدينة ولكن الآن أصبح الأمر يستغرق ساعات، وعبر طرق جبلية ومخاطر كثيرة خاصة هذه الأيام التي تهطل فيها الأمطار،" هذا الأمر تسبب بالكثير من الحوادث وأسفر عن وفاة العديد من المواطنين المسافرين".
معاناة غير مسبوقة
وأردف الخديري بنبرات حزينة: "لدى طفل يعاني سرطان الدم، كنا لا نجد صعوبة في الوصول من منطقة الحوبان إلى المدينة لعلاجه، ولكن الآن بسبب ارتفاع أجرة السيارة أصبح الأمر مرهق لنا كثيرا، وإذا وجدنا تكاليف العلاج، لا نجد تكاليف السفر والاكل والشرب لأن الأمر لم يعد كما في السابق تذهب وتعود في نفس اليوم".
وفي ذات السياق يؤكد الطالب الجامعي أحمد فؤاد من سكان منطقة الحوبان الطالب إنه يتجشم معاناة السفر بشكل شبه يومي لمواصلة تعليميه في جامعة تعز، والذي أصبح مهدد بالتوقف، بسبب الحصار الحوثي والمعاناة التي تواجهه باستمرار.
وأضاف في تصريح لـ" الصحوة نت" " تخيل أن تكون طالب جامعي وتسكن في الحوبان كم من الصعوبات ستواجه في الطريق الوعرة، والمسافات الطويلة الجبلية الشاهقة وارتفاع اسعار النقل، في وضع اقتصادي صعب للغاية".
وتابع "ليست فقط معاناة السفر وتكاليفه التي تواجهنا بل هناك صعوبات أخرى تتمثل في السكن والمأكل والمشرب داخل المدينة، هذه الصعوبات أجبرت الكثير من الطلاب على إيقاف القيد في انتظار انفراجه كي يتمكنوا من مواصلة التعليم".
وأضاف "بسبب هذا الوضع الصعب اقترضت مبلغ من المال من اجل شراء الدراجة نارية بهدف تخفيف تكاليف السفر، وباعتبارها وسيلة أسهل واقل كلفة من السيارات كذلك يمكنها قطع المسافات بوقت أسرع وأقل".
واختتم قائلا" في تعز إذا أردت ان تنهي تعليمك الجامعي عليك ان تتحمل كل التحديات وكل الظروف القاهرة من الحرب والتدهور الاقتصادي وارتفاع الاسعار والحصار، أو سينتهي بك المطاف إلى التوقف كما حصل مع الكثير من الزملاء".