استيقظ عبد الله باكرا كعادته كل يوم واتجه إلى سيارته التي هي مصدر رزقه الوحيد، وقبل ان يدير المحرك أخبره جاره بأن البترول شبه معدوم كليا من محطات العاصمة، هكذا فجأة وبدون أي مقدمات، لم يسأل عبد الله عن الأسباب لأنه يعيش في صنعاء المختطفة من عصابات الحوثي، وكل شيء يحدث في صنعاء بلا اسباب، يحدثنا عبد الله عن معاناته مع أزمات البترول قائلا:" كنت بالكاد اجمع قوت يومي قبل الأزمة، فما الذي سأفعله الان؟
تفاجأ سكان العاصمة صنعاء يوم الاثنين على خبر اختفاء المشتقات النفطية فجأة وارتفاع سعر البترول في السوق السوداء إلى ثلاثين ألف ريال للجالون الواحد، بزيادة تقدر 110٪ ما ضاعف من معاناة السائقين الباحثين عن طريق للحياة وسط المدينة التي لا يتوقف الساكن فيها عن دفع الضرائب والاتاوات وتمويل الحروب التي يشنها الحوثيين ضده، وعلى حسابه.
ويرى السائق أكرم بأن أزمة البترول هذه "مفتعلة " لتغطية عجز الميليشيات عن مواصلة الحروب في الجبهات وخصوصا مأرب التي جرى فيها استنزاف مهول للحوثيين رجالا ومالاً.
مضيفا :" لا معنى لإخفاء المشتقات النفطية بهذه الصورة المفاجأة إلا لتغطية النكبات والهزائم التي يمنى بها الحوثيين على كل الاصعدة".
ولا تقتصر أضرار رفع أسعار المشتقات النفطية على السائقين فقط بل ان المواطن البسيط هو من يدفع الفاتورة في الاخير كما يقول "عبد القوي" الذي اشتكى ان سائق الباص طلب ضعف الأجرة علما ان نصف الراتب، كان يذهب في المواصلات، اما الان فسيذهب الراتب كله، حد تعبيره.
عقاب جماعي
الحديث عن البترول والغاز ومشتقاته غالبا ما يجعل المواطن يذكر محافظة مأرب التي يدعي الحوثيون انهم جاؤوا لتحريرها، في حين ان سعر الجالون البترول هناك لا يتعدى 3500 ريال رغم القصف والحرب المتواصلة على المحافظة منذ عام كامل.
"حسين" سائق الباص الصغير، يشرح كيف تمكن من جمع تكاليف الزواج عندما قرر السفر والعمل في محافظة مأرب يقول:" عملت سائق باص في مأرب لمدة سنة وثمانية أشهر تمكنت فيها من جمع مليوني ريال بسبب الكثافة السكانية والحركة الحية وتواجد البترول هناك بسعر رخيص جدا، اما هنا في صنعاء للأسف لا أتمكن من جمع قوت يومي، البترول اليوم بثلاثين الف كم سأجمع طوال يومي؟.
جولة بسيطة في شوارع صنعاء تظهر للعيان نسبة انخفاض الحركة في الشوارع بسبب انعدام البترول المفتعل حيث قل عدد وسائل المواصلات بشكل ملحوظ، والسخط والتبرم بادي على وجوه الجميع، ويشعر السائق "عمران" بالغضب الشديد من الأوضاع في صنعاء وما حولها قائلا :"يريدون جعل صنعاء مدينة أشباح والناس فيها جوعى أو قتلى، ليس هناك أي مبرر لهذه الأزمة، هذا قتل بطيء وابادة جماعية، هذه الجماعة يجب أن تحاسب على جميع جرائمها بحق الشعب".
ويمضي بالقول:" ليس هناك ما أعود به لأطفالي فالناتج اليومي كله يذهب لصاحب المحطة، رجعنا نشقي عليهم، اقسم بالله ان القتال ضد الحوثيين واجب شرعا".
التعب منسي
دفعت الأزمة " علي" للبحث عن عمل اخر غير الدراجة النارية التي يعتمد عليها في طلب الرزق، ولكنه لم يجد سوى جمع العلب البلاستيكية من الشوارع وبيعها بثمن بسيط ليتمكن من شراء ارغفة خبز تكفي لبقاء سبعة انفس التي يعولها، على قيد الحياة.
“على الاقل انا لا اتعب لكي اعطي تعبي كله لصاحب المحطة، هنا ان لم اربح لا اخسر شيئا، الشوال شوالي والقوارير البلاستيكية من الأرض، والتعب منسي"
هذه الازمات المتتالية والغير مبررة، دفعت الكثير من اليمنيين للتساؤل عن نهاية الكابوس، حتى ان صنعاء أصبحت مدينة "خالية من الأمل" بمعنى الكلمة ولا شيء فيها سوى الآهات والآلام، يلخصها "صابر عن حلم اليمنيين البسيط:" احلم ان ينتهي هذا الفيلم المرعب، و ان تنتهي الازمات والحروب وان ينتهي الحوثي وجماعته إلى الجحيم وتعود الجمهورية وترجع الحقوق، احلم ان يعود الأطفال للعب في سلام، وان أعود إلى البيت كل يوم برزق حسن لا ذل فيه ولا مهانة، احلم بدولة تعطيك لا تأخذ منك، دولة يهمها المواطن وليس الانتقام من يزيد بن معاوية الذي مات قبل الاف السنين، واحلم ان ارى قادة الانقلاب وهم معلقين على أعواد المشانق جزاء بما فعلوه في هذا الشعب الصابر المظلوم.