طالبان يستخدم اللفظ لدى الأفغان كجمع لطلبة، وحينها كانوا يقصدون طلبة مدارس العلوم الشرعية، ولفظ أمريكان يتم تداوله - أيضا - كجمع لأمريكي .
تتساءل هذه السطور - بعد عشرين عاما على أحداث 11سبتمبر - عن مدى صحة، ما ذهب إليه كثير من المحللين والمراقبين السياسيين ، و كذا المهندسين المعماريين، و غيرهم .. أن تفجيرات سبتمبر، و برجي منهاتن ليست أكثر من عملية استخباراتية لها أهدافها السياسية و العسكرية ؟
ربما دعم هذا القول التصريح المبكر للرئيس الأمريكي - يومذاك - جورج بوش الإبن الذي صرح فور سماعه بأنباء التفجير قائلا " إنها حرب صليبية إذن"! و إن قيل بعدها أنه اعتذر عن ذلك التصريح .
مثل ذلك الفعل المدوي و الذي ظهر كاختراق أمني كبير للمنظومة الأمنية الأمريكية؛ يفترض أن يكون أول ما يتبادر إلى ذهن الساسة و العسكريين الأمريكيين، عند اللحظات الأولى لتلك العملية أن دولة عظمى هي من تقف وراء ذلك العمل، و أن يكون التصريح متهما جهة خارجية عظمى، دون أن يسميها حتى؛ لكن التصريح الفوري بأنها : حرب صليبية، تضع ألف سؤال و سؤال عن جاهزية اتجاه الاتهام !!؟
عزز ذلك إعلانه الحرب على الإرهاب و أنها ستستمر لأكثر من عشر سنوات.
مجرد تساؤلات تتجدد مع سرعة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، و الذي فاجأ حلفاء أمريكا أكثر مما فاجأ شعوبا و دولا أخرى.
فدعونا إذً نهنئ و نبارك للشعب الأفغاني هذا الانتصار الكبير.
قال الألمان - حلفاء أمريكا في تلك الحرب : إن الانسحاب من أفغانستان يمثل كارثة لحلف الناتو ! فيما قال ماكرون أنها نكسة، و حول هذا و ذاك دندن بقية الحلفاء، الذين كانوا كآخر من يعلم !
يستلفت الأنظار تصريح رئيس الوزراء البريطاني، و هو يعلق على رسائل التطمين التي بعثتها حركة طالبان، إذ قال : إننا سننتظر من طالبان الأفعال، لا الأقوال .
و هو كلام منطقي، و معيار صحيح .. لكن هل هذا المنطق، و هذا المعيار تعمل به الحكومات البريطانية في سياساتها مع الدول، أو دعونا نحدد الأمر بشكل أدق، هل تتعامل به مع الدول النامية، او دول العالم الثالث ؟ أم أن المكيال هناك يختلف !؟
في الواقع ليست بريطانيا وحدها من تكيل بمكيالين، بل كل دول الاستعمار و الاستكبار تتعامل بأكثر من مكيال ضد قضايا الشعوب، و ضد الحكومات و الدول .
و إذا ما نتج عن تلك السياسات الاستعمارية ردود فعل غاضبة، أو منددة، أو رافضة، حركت دول الاستعمار تهمة الإرهاب لقمع هذه الشعوب، أو إسقاط تلك الحكومات.
كم تباكت الدول الغربية عن الديمقراطية في الوطن العربي، و خطبت و صرحت للتبشير بها ، فلما راحت الشعوب تنتصر لإرادتها، فزع منها أصحاب الأقوال، فراحوا يتربصون بها و يمكرون .
في الوطن العربي ننتظر - أيضا - أفعالا لا أقوالا من تلك الدول، في مناصرة القضايا العربية، و قضايا الشعوب ، وقضايا الديمقراطية.