قبل أن يتفتّق ذهن ميكافيلي عن مقولة او نظرية الغاية تبرر الوسيلة، كان دعاة الحق الإلهي الذي نظر له الهادي بن الحسين الرسي قد أكلوا بها الأموال و سفكوا بها الدماء، مبررين في سبيل الوصول الى غايتهم كل ما يحرم و ما لا يجوز من الوسائل و الأفعال.
مشروع الكهنوت الحوثي منذ 21 أيلول الأسود 2014م. يستأنف همجية الموروث الإمامي و مثله معه، بكل شراسة و خسة و فجور ، و بلا حدود وفق نظرية الهادي، الذي لا ترى لغير السلالة حرمة، ناهيك عن أنها لا ترى لغيرهم أي حق . زد إلى جانب ذلك أن الحوثية اليوم زادت طغيانا فوق طغيان سابقيها أنها ارتضت بالذيلية المطلقة لمشروع خارجي دخيل، هو المشروع الإيراني الذي يمثل خطرا على الأمة ككل.
مُضِي خمس سنوات عجاف بسبب انتشار وباء المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي، لا يعني أنه قد ترسخ و استقر، فحكم أسلافهم من بيت حميد الدين برغم ما كان عليه الشعب اليمني من جهل مطبق، و فقر مدقع و تخلف مستطير، فقد أبى السعب الخنوع و الخضوع و الاستكانة، و كانت هبّات و ثورات، تكللت جهوده و جهاده بثورة 26 سبتمبر الظافرة، و ثورة 14 أكتوبر المجيدة.
و الشعب اليمني اليوم، أصبح بفضل الله شعبا مثقفا واعيا، و حرا أبيا، و مقاوما صلبا، و سينتصر بفضل الله و ببسالة شعب يأبى الظلم و العبودية و يتمرد على ظالميه، كما وصفه الشهيد الزبيري :
شعب تفلّت من أغلال قاهره حرا فأجفل عنه الظلْم و الظلَمُ
إن اللصوص و إن كانوا جبارة لهم قلوب من الأطفال تنهزم
لقد كان يوم 21 أيلول الأسود؛ يوم إعلان حرب على اليمن و اليمنيين، و لا يخجل أو يتوارى الحوثيون في اعتبار ذلك اليوم البائس أنه ردة فعل انتقامية ضد ثورة 26 سبتمبر التي أعطت لليمنيين حقهم في الحرية و المساواة، و حكم أنفسهم بأنفسهم، بعيدا عن الأغلال و القيود، و مصادرة الحقوق التي كانت مؤمّمة بيد السلالة الحاكمة .
يقوم الصراع اليوم في اليمن بين مشروعين : مشروع الثورة و الجمهورية، و الحرية و الشورى، و العدل و المساوة ، و التحول الديمقراطي و التنموي، و هو مشروع الشعب و الوطن، و مشروع الحياة، و بين المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي، مشروع الجهل و التخلف، و الظلم و الاستبداد، و العبودية و الطبقات، و خرافة الحق الإلهي في الحكم الذي يزعمون معه أن الوطن و من عليه ملك حصري للسلالة، و هو مشروع الموت.
تتحكم بالسلالة الحوثية أطماع و خرافات، أما الخرافة فمزاعم الحق الإلهي في الحكم، و قد ترسخ مع الزمن حتى صار موروثا مثقلا بمزاعم و أوهام تشبع بها عامة السلالة و كثير من خاصتهم، إلا من رحم الله، و أما الأطماع فاستباحة نهب الأموال بنهم و جشع ليس لهما حد، و يرون أن ذلك من مقتضيات حقهم الإلهي - المزعوم - في الحكم، و من أجل السيطرة و الهيمنة لتمرير ما سبق فقد استعانوا بالتجهيل و تجفيف منابع العلم و التعليم، و فوق ذلك السوط و السجون و سفك الدماء، و البطش المعروف في تاريخهم ، و قد صدق أبو الأحرار حين قال :
فنٌّ من البطش و التنكيل مبتكر خليفة الله للأجيال أهداه